الإضاءة الأولى
أهم الأصول التي يجب معرفتها لضبط علم العروض:
1. معرفة المتحرك والساكن، والكتابة العروضية.
2. معرفة الأسباب والأوتاد والفواصل.
3. معرفة التفاعيل.
4. معرفة البحور.
5. معرفة الزحافات والعلل.
الإضاءة الثانية
تعتبر معرفة المتحرك والساكن من الأصول المعرفية للتمكن من ضبط علم العروض، وقد قرر أحد العروضيين القدامى أن من لم يميز المتحرك من الساكن لا يمكنه الانتقال إلى دراسة الأصول الأخرى كالأسباب والأوتاد والتفاعيل...لأن هذه الأصول مبنية على ذلك الأصل الأساس: المتحرك والساكن.
وقد حدد بعضهم معيار التمييز بين المتحرك والساكن، كون الساكن يقبل دخول الحركة عليه:
فالميم من كلمة "أمْر"، يمكن تحريكها رفعا أو نصبا أو جرا، بخلاف الهمزة والراء في الكلمة نفسها حيث إنهما متحركان، والمتحرك لا يقبل حركة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن حروف المد تعتبر في حكم الساكن، مثل الألف في: قال، والياء في: حلمي، والواو في: يصبو.
ومعرفة الساكن والمتحرك تيسر الكتابة العروضية الصحيحة؛ وفي الكتابة العروضية ثمة قاعدة ذهبية صاغها العروضيون: إثبات ما ينطق فقط.
بمعنى أن الكتابة العروضية تختلف عن الإملائية، لأن الهدف من الكتابة العروضية هو التمثيل الصوتي للمسموع من الأحرف المتحركة والساكنة؛ لذلك يهمل ما لا ينطق(في المساء = فِلْمساء)، ويتحول التنوين إلى نون صغيرة (ليْلً= ليْلُنْ)، ويفك الإدغام (شدّ= شدْدَ)...
وبعد الكتابة العروضية للبيت نرمز للمتحرك بخط مائل: / ، ونرمز للساكن بدائرة صغيرة: 0
(كالشمس في السما =
كشْشمْس فِ سْسما =
/ 0 / 0 / / 0 / / 0 )
.............
تمرين للطلبة:
.............
اختر شطرا من محفوظك الشعري، واكتبه كتابة عروضية، وضع له الرموز المناسبة للمتحركات والسواكن(الأجوبة في التعليقات أسفله)
الإضاءة الثالثة
السبب:
يميز العروضيون بين السبب الخفيف الذي يتكون من متحرك فساكن: ( / 0 )، والسبب الثقيل الذي يتكون من متحركين ( / / )، والسبب في اللغة الحبل، وما يميزه أن جل التغييرات (الزحافات) تمس ثانيه بحذف ساكنه إن كان خفيفا، وتسكين متحركه إن كان ثقيلا، وحذف الثاني بعد تسكينه قليل وقبيح فكأنه اجتمع تغييران.
وإذا اجتمع السببان الثقيل فالخفيف يسميان سببين مقرونين ويسميان أيضا فاصلة صغرى؛ ولا يجتمعان إلا في الوافر والكامل من البحور الخليلية.
الوتد:
يميز العروضيون بين الوتِد المجموع الذي يتكون من متحركين فساكن: ( / / 0 )، والوتد المفروق الذي الذي يتكون من متحركين بينهما ساكن: ( / 0 / ). والوتِد في اللغة "ما رُزَّ في الحائط أو الأرض من الخشب" (لسان العرب) وما يميزه أنه لا يقبل زحافا (أي تغييرا) إلا في حالات خاصة.
التفعيلة:
ويسميها العروضيون الجزء، وبها يوزن الشعر ويقاس، وهي التي تحدد ميزان البحور الشعرية، وهي نوعان:
الخماسية: تتكون من سبب ووتد (فعولن، فاعلن)
السباعية: تتكون من سببين ووتد؛ فقد يكون الوتد في بدايتها (مفاعلتن، مفاعيلن، فاع لاتن)، وقد يكون في وسطها (فاعلاتن، مستفع لن) وقد يكون في نهايتها ( مستفعلن، متفاعلن، مفعولات)
ملحوظة: يميز العروضيون بين مستفعلن ومستفع لن، في كون الأولى بنظام: سبب + سبب + وتد؛ بينما الثانية: سبب + وتد + سبب، لذلك فإن الأولى قد يحذف رابعها الساكن (لأنه ثاني سبب خفيف) ولا يجوز حذف سابعها الساكن في الحشو (لأنه جزء من وتد مجموع)، بينما الثانية يمتنع حذف رابعها الساكن (لأنه جزء من وتد مفروق) ويجوز حذف سابعها الساكن (لأنه ثاني سبب خفيف). والأمر نفسه ينطبق على التمييز بين فاعلاتن وفاع لاتن من حيث انتظام الأسباب والأوتاد.
قواعد مهمة تساعدنا في التقطيع:
1 – التفعيلة لا تتضمن إلا وتدا واحدا.
2 – لا يتجاور في البيت وتدان.
3 – لا يتجاور في البيت أكثر من سببين.
4 – إذا ابتدأ بيت بوتد فكل تفعيلاته تبتدئ بوتد، وإذا كان وسطا فكل تفعيلاته يكون وتدها وسطا، وإذا كان آخرا فكل تفعيلاته يكون وتدها آخرا.
5- إذا ابتدأ بيت بسبب فكل تفعيلاته تبتدئ بسبب.
هذه القواعد مهمة جدا، وعليكم حفظها لأنها تساعدكم على تحديد تفعيلات البيت بشكل منطقي حتى قبل معرفة البحر الشعري.
مثال:
غير مجْدٍ في ملّتي واعتقادي (المعري)
الكتابة العروضية:
غيْر مُجْدِنْ في ملْلتي وعْتقادي
الترميز:
/ 0 / / 0 / 0 / 0 / 0 / / 0 / 0 / / 0 / 0
توزيع الأسباب والأوتاد:
س و س س و س س و س
لا حظ أننا في الجزء الثاني كتبنا ( س و س ) وليس ( س س و) كما قد يبدو لأول وهلة.
لذا تقابله التفعيلات الآتية:
فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن
لأنه لو كتبنا مستفعلن لخرقنا القاعدة الثالثة حيث سيتوالى ثلاثة أسباب (تن + مس + تف) أما مستفع لن فإن [تف] جزء من وتد مفروق [تفْع]. زد على ذلك فإن موقع الوتد في الوسط، لذا يجب أن يكون موقعه وسطا في التفعيلتين الأخريين.
...............................
تمرين للطلبة: اكتب الأشطر الآتية كتابة عروضية وضع لها الرموز المناسبة، ثم حدد تتابع أسبابها وأوتادها، ثم تفعيلاتها انطلاقا من القواعد الخمسة أعلاه:
1 – إذا رأيت نيوب الليث بارزةً
2 – كأنّك تعطيه الذي أنت سائلهْ
3 – ألا لا يجهلنْ أحد علينا
4 – خدعوها بقولهم: حسناء
5 – يا دار عبلة بالجواء تكلمي
6 – الليل فيها طويل
الإضاءة الرابعة
سنخصص هذه الإضاءة للتطبيق على قاعدة التجاور :
تذكير:
قاعدة التجاور:
يمتنع تجاور وتدين.
يمتنع تجاور أكثر من سببين.
قول الشاعر:
غير مجد في ملتي واعتقادي
ترميزه:
/ 0 / / 0 / 0 / 0 / 0 / / 0 / 0 / / 0 / 0
يحتمل في الظاهر:
س و س س س و س و س
بيد أن توالي: س س س ، يناقض قاعدة التجاور حيث تتجاور هنا ثلاثة أسباب، مما يعني أن الاحتمال الثاني: س س و (/0 /0 //0)، خاطئ،
والصواب هو : س و س (/0 /0/ /0) بحيث تكون و وتدا مفروقا.
ومن ثمة تكون تفعيلات الشطر: فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن. من بحر الخفيف.
===========
وقول الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
نلاحظ أن انتظام الأسباب والأوتاد:
//0 /0 //0 /0 /0 //0 /0 //0 //0
نلاحظ في الأخير تجاور وتدين وهو ممتنع، وبذلك يكون : و و أصلها إما : س س و، أو : و س س، وهناك احتمال آخر : س و س، بحيث يكون الوتد هنا مفروقا.
فأما الاحتمال الأول فهو ممتنع، لأن ذلك يعني تجاور ثلاثة أسباب، أما الاحتمال الأخير فممتنع أيضا تطبيقا لقاعدة الابتداء التي أشرنا إليها سابقا، فيبقى الاحتمال الأصح هو: و س س
ويكون الشطر من بحر الطويل: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن